الجناس هو أحد المحسنات البديعية اللفظية، وهو اتفاق كلمتين في النطق مع اختلافهما في المعنى. يُستخدم الجناس لإضفاء الجمالية والإيقاع على النصوص الأدبية، وخاصة في الشعر والنثر الفني.
ينقسم الجناس إلى قسمين رئيسين، هما جناس تام وجناس ناقص.
الجناس التام:
وهو ما اتفق فيه اللفظان المتجانسان في أمور أربعة: نوع الحروف، وعددها، وهيئتها (حركاتها وسكناتها)، وترتيبها مع اختلاف المعنى. وهو ثلاثة أنواع:
- الجناس المماثل: أن يتّفق لفظاه في الاسميّة أو الفعليّة، ومثال هذا النوع من الجناس التام كقولهم: "لو هويتَ الاجتهاد ما هويت"، فهويت الأولى بمعنى "أحببت" أمّا الثّانية فهي بمعنى "أخفَقتَ".
- الجناس المستوفى: أن يأتي أحد لفظيه اسمًا ويأتي الآخر فعلًا، وذلك على نحو قولهم: ارعَ الجار ولو جارَ، فإنّ الجار الأولى اسم ومعناه المجاور في مكان السكن، والجار الثانية فِعل بمعنى ظلم.
- الجناس المركب: أن يأتي أحد لفظيه كلمة واحدة واللفظ الآخر مركّب من كلمتين، أو أن يأتي كلاهما مركّبًا، وذلك نحو قول الشّاعر: فلم تُضع الأعادي قَدْرَ شاني ولا قالوا: فلانٌ قدْ رشاني.
فالاسم الأوّل مركّبٌ من القدر والشّأن، والاسم الثّاني مركّبٌ من "قد" الحرفيّة والفعل الماضي المشتق من الرشوة.
الجناس الناقص:
وهو ما اختلف فيه اللفظان في أحد الأمور الأربعة المذكورة (النوع والعدد والهيئة والترتيب).
ولهذا الجناس أنواع عدّة، منها:
- الجناس المصحّف: وهو ما اختلف فيه اللفظان في النقط فقط، بحيث لو أزيلت هذه النقط لم يمكن التّمييز بينهما، وذلك نحو قول الشّاعر:
من بحر جودك أغترف وبفضل علمك أعترف
إذ أن كلًا من "أغترف" و"أعترف" قد اختلفتا في الحرف الأوّل فقط، واتّفقتا فيما دون ذلك.
- الجناس المقلوب: وهو الذي يختلف لفظاه في ترتيب الحروف فقط، وينقسم هذا النوع إلى "القلب الكلي" وهو الذي ينعكس ترتيب حروفه تمامًا، وذلك على نحو: حسامه فتحٌ لأوليائه حتفٌ لأعدائه، فإنّ "حتف" هي مقلوب "فتح".
والنوع الثّاني للقلب "قلب بعض" وهو الذي تنعكس فيه ترتيب الحروف جزئيًّا، وذلك على نحو: رحم الله امرأً أمسك ما بين فكّيه وأطلق ما بين كفّيه. فإنّ القلب قد أصاب أول حرفين من اللفظين فقط دون غيرهما.
أمّا النوع الثالث للقلب فهو "المجنّح" وهو ما كان أحد الألفاظ المقلوبة في أول البيت والثاني في آخر البيت، وسمّي بذلك لأنّه يعدّ كالأجنحة للبيت الشّعري، ومن ذلك قول الشّاعر:
سَاقٍ يُريني قَلْبُهُ قَسْوَةً وَكُلّ ساقٍ قَلْبُه قاسِي
فـ"قاس" هي عكس حروف "ساقٍ" وقد وردت أحدهما في أول البيت والثانية في آخره.
وأمّا النوع الأخير للقلب فهو "المستوي" وهو ما يمكن قراءة ألفاظ العبارة فيه طردًا وعكسًا، كما في كلمتي: أرانا - أنارا.
- الجناس المضارع: هو الجناس الذي يكون حرفاه المختلفان متقاربين في المخرج، وهو إمّا أن يأتي في أوّل اللّفظ، وإمّا أن يأتي في وسط اللفظ، وإمّا أن يأتي في آخر الكلمة. ومن أمثلة ما يأتي في أوّل اللّفظ، نحو: ليلٌ دامسٌ وظلامٌ طامسٌ، فإنّ كلًا من "دامس وطامس" قد اختلفا في الحرف الأوّل وكان حرفاهما متقاربين في المخرج.
- الجناس المذيل: هو ما زاد أحد ركنيه على الآخر حرفاً في آخره، فصار له كالذيل، كقول أبي تمام:
يمدون من أيدٍ عواص عواصم تصول بأسياف قواض قواضبِ
- الجناس المطرف: وهو ما زاد أحد ركنيه على الآخر بحرف في طرفه الأول، وهو عكس المذيل. فإن المذيل تكون الزيادة في آخره كما مر. ومن أمثلة الجناس المطرف: عسى تحظى في غدك برغدك.